ما مضى فات والمؤمَّل غيبٌ ... ولك الساعة التي أنت فيها!!
لا يفكر في ماض، ولا يعد لمقبل. يظن الامس (١) قد فني، والغد لا يأتي، يقول:(ما مضى فات) ولا والله ما فات، ولكن قيد علينا حسنه وسيئه، في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها. و (المؤمل غيب)، ولكنه غيب عن الحس، حاضر في النفس موجود عند الله، آت لا شك فيه، وهذا الصنف شر الثلاثة، وهو الذي لا يذكر الموت ولا يفكر فيه.
وصنف، يذكر الموت، ولكن كذكر الشاعر الفارسي، عمر الخيام الذي فتن بباطله الناس، يقول: اذا كان الموت حقاً لا شك فيه، وكانت الحياة قصيرة لا بقاء لها، فلنملأها بالعشق والهيام. واذا كانت قد جبلت على المكاره والآلام، فلنهرب منها إلى كأس المدام، فنمضي العمر في شعر ... وسكر ... وعهر ...
وصنف يذكر الموت ولكن كذكر أبي العتاهية، ملأ بذكر الموت بيانه، وشغل به لسانه، ولكنه لا يذكر (الا قليلا) ما بعد الموت. فكأنه يقول مع
(١) أمس إذا أتت (دون تعريف) تكون مبنية على الكسر، فاذا عرفت بـ (ال) أعربت.