فالجسد اذن يتبدل - حتى لا تبقى فيه خلية مما كان فيه قبل سنين - والنفس تتبدل آمالها وآلامها - فما الشيء الذي لا يتبدل في, والذي هو (انا) على التحقيق؟ هو الروح، وما الروح؟ الله أطلعنا على كثير من وظائف أعضاء الجسم وأسرارها، وأمراض وعلاجها، وعلى كثير من أحوال النفس وعوارضها وأمراضها. وقال لنا ان من النفوس الأمارة بالسوء واللوامة والمطمئنة وان النفس ذائقة الموت، ولكنه لم يطلعنا على شيء من أحوال الروح لأنها من أمر ربي. الروح لا تخضع لقيود الزمان والمكان. فقد ينام النائم ربع ساعة أمامك، فيرى أنه سافر الى اميركا أو الهند، وعاش عشرين أو ثلاثين سنة، وأحس بأقصى السرور أو بمنتهى الألم، فكيف دخلت عشرون سنة في عشرين دقيقة؟ كيف تداخل المكانان؟ هذا مثال لعذاب القبر والنعيم. الروح لا يؤثر فيها المرض ولا الصحة، الروح هي التي كانت موجودة قبل ارتباطها بهذا الجسد وبهذه النفس. وستبقى بعل تحلل الجسد، وفناء النفس. - فأما اذن الروح - وقد مدت لي هذه المعاني وأنا أعد لكتاب الطبعة الخامسة. (٢) ويحس مثل ذلك من يريد القفز من فوق حفرة أو ساقية، وهو يرجو الوصول ويخشى السقوط، ويسمع من نفسه صوتين يتعاقبان: ثب .. ارجع. ثب .. ارجع. فان وثب عند قول: (ثب) ولم يتردد نجح. وان تردد حتى جاء قول: (ارجع) ووثب .. سقط، وهذا مجرب.