١ - ان الخطأ إما أن يكون في مجال التبليغ عن الله، وفي بيان الشريعة، وهذا النوع من الخطأ يستحيل وقوعه من الرسل جميعا، لأن الرسول (لا ينطق) اذا بلغ عن الله أو بين شريعته: {عن الهوى إن هو الا وحيٌ يوحى}.
والله يقول:{يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم}.
ويستحيل أن نقع من الرسول (بعد رسالته) معصية، أو يأتي ما يجرح العدالة أو يحل بالمروءة أو ينافي الكمال، لأن الله جعله قدوة، وأمر المسلمين أن يتأسوا به، وان يتبعوه في فعله:{لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ}.
وهذه الأسوة ثابتة للرسل جميعا:{لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنة}.
وذلك يقتضي العصمة من ارتكاب المعاصي واتيان النقائض.
٢ - وإما أن يكون الخطأ في أمر شرعي اجتهد فيه الرسول، ولم ينزل عليه فيه شيء من ربه: وهذا النوع من الخطأ ممكن وقوعه من الرسل، ولكن الله لا يقرهم على الخطأ بل يبين لهم وجه الصواب فيه، كما وقع من الرسول في قصة الأعمى، وفي قصة أسرى بدر، اجتهد فبين الله له أنه لم يصب في اجتهاده.
وقد فكرت في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم جاءه الأعمى، وقلت لنفسي: لو لم ينزل الله هذه الآيات من سورة (عبس وتولى)، وعرض موقفه على عقلاء الدنيا وساستها وعلمائها، هل كان فيهم أحد يقول بأن في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينتقد أم يقرر الجميع ان الذي فعله هو عين الصواب؟
رجال من كبار القوم يتألفهم ويحاول أن يكسبهم لنصرة الدعوة، فيأتي واحد من أتباعه يسأله عن مسألة ليست مستعجلة، ولا ينشأ عن تأخيرها ضرر،