للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمقتضاها، واستمر ماشيا في الطريق المنحرف لم ينفعه علمه بانحرافه، بل انه يكون به أكبر ذنبا، وأعظم تبعة، لأن الذي ينحرف وهو لا يعرف، له بعض العذر، ولكن الذي يعرف الطريق، وينحرف عنه عمدا، لا عذر له (١).

والشرط الثاني: أن يجعل الاحسان بدل الاساءة، والاصلاح مكان الافساد، أي أن يحقق التوبة، بتبديل العمل، وتعديل السلوك.

{كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ... فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ... الا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ... إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم ... }. ومن الاصلاح أن يكون ترك الذنب حقيقيا، وأن تعزم عزما صادقا على الاّ تعود اليه. فان عقدت على ذلك العزم الصادق، ثم غلبتك النفس، أو حملتك الظروف، فعدت اليه، ثم تبت قبلت توبتك، ولو تكررت العودة وتعددت التوبة. أما ان خالط عزمك تردد من الأصل، وقلت في نفسك، اذا اشتدت رغبتي رجعت ثم تبت لا تكون توبتك صادقة ولا مقبولة.

هذا في التوبة من حقوق الله، انه يكفي فيها أن تترك الذنب نادما على فعله، عازما عزم الصدق على عدم العودة إليه. أما حقوق الناس: ان كنت ظلمت احدا، أو أكلت ماله، او آذيته في جسده أو في عرضه، أو شهدت عليه زورا، او اغتبته أو وشيت به، أو أشعت عنه قالة السوء، فلا بد في ذلك وأمثاله، من أن تؤدي اليه حقه، أو ينزل لك عنه ويسامحك به، أو يرحمك الله فيرضيه عنك. والا لم تقبل توبتك، وأخذ المظلوم يوم القيامة من حسناتك، أو حمل عليك من سيئاته.


(١) الأول ضال ولكن الثاني مغضوب عليه. واليهود من (المغضوب عليهم)، لأنهم عرفوا الحق وخالفوه، ? فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ... ?.

<<  <   >  >>