للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأبي شاه) «١»، وحديث صحيفة علي رضي الله عنه «٢»، وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات، وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر رضي الله عنه أنسا رضي الله عنه حين وجهه إلى البحرين، وحديث أبي هريرة: (أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب)، وغير ذلك من الأحاديث.

وقيل: عن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في الكتابة.

وقيل: إنما نهى عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيه فيشتبه على القارئ في صحيفة واحدة، والله أعلم) «٣».

فمن خلال هذه الآراء التي ذكرها الإمام النووي يتبين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع أصحابه- في بداية الأمر- من تدوين الأحاديث، وذلك حتى يتسع المجال أمام القرآن، ويأخذ مكانه من الحفظ والكتابة معا، وحتى يثبت في صدور الحفاظ، وتألفه أسماعهم، وبذلك يزول خطر الالتباس، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم على جانب عظيم في الحفظ، فلم يكن هنالك خوف على السنن من الضياع.

وشيء آخر جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن كتابة الحديث: هي المحافظة على تلك الملكة التي امتازوا بها في الحفظ، فلو أنهم كتبوا لا تكلوا على المكتوب وأهملوا الحفظ. فتضيع ملكاتهم بمرور الزمن. أضف إلى هذا أن الكتابة لم تكن منتشرة فيهم، ولم يكونوا أتقنوها حتى تحل محل الحفظ، ولو أنهم كتبوا الحديث


(١) صحيح البخاري، كتاب اللقطة، رقم (٢٣٠٢): ٢/ ٨٥٧.
(٢) ينظر: دراسة الحديث السادس السابق ص ٩٧ و ٩٨.
(٣) شرح النووي لصحيح مسلم: ١٨/ ١٣٠.

<<  <   >  >>