للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لوقع الناس في حرج عظيم والتبس عليهم أمر السنة والكتاب «١».

وبقي أن نقول: كيف نوفق بين أحاديث النهي عن كتابة السنة والإذن فيها؟

* فقد روى الإمام البخاري في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اكتبوا لأبي شاه) «٢»، يعني الخطبة التي سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة.

* وفي حديث أبي هريرة أيضا أنه قال: (ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب) «٣».

على غير ذلك من الآثار الدالة على إباحته صلى الله عليه وسلم كتابة الحديث عنه، وهي بظاهرها تتعارض مع حديث أبي سعيد في النهي عن ذلك: (لا تكتبوا عني ... ) «٤».

والجواب على هذا التعارض: أن النهي كان خاصا بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن بالكتابة كان في غير ذلك الوقت، أو أن النهي كان عن كتابة غير القرآن مع القرآن في صحيفة واحدة، والإذن كان بكتابة ذلك متفرقا يؤمن الالتباس، أو يقال: كان النهي عن الكتابة متقدما لخوف التباس القرآن بالحديث أو لخوف الاتكال على الكتابة- كما ذكرنا- وإهمال الحفظ أو غير ذلك، وكان الإذن متأخرا ناسخا للنهي السابق عند أمن اللبس أو عدم


(١) ينظر: الحديث والمحدثون، لمحمد أبي زهرة، أحد علماء الأزهر:
١٢٢ - ١٢٣؛ وينظر: المبحث الثاني من هذا الفصل: ٢٢ - ٢٣.
(٢) صحيح البخاري، كتاب اللقطة، باب كيف نعرف لقطة أهل مكة، رقم (٢٣ - ٢):
٢/ ٨٥٧.
(٣) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم (١١٤): ١/ ٥٤.
(٤) ينظر: الحديث والمحدثون لمحمد أبي زهرة: ١٢٣.

<<  <   >  >>