للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشتة، عن ابن بريدة «١»: أن أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة، وقد استغربها السيوطي وقال: (ومن غريب ما ورد في أول من جمعه ما أخرجه ابن أشتة في كتاب المصاحف من طريق كهمس عن ابن بريدة قال: أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة، أقسم لا يرتدي برداء حتى يجمعه فجمعه، ثم أثمروا يسمونه فقال بعضهم: سموه السفر، قال: ذلك تسمية اليهود، فكرهوه، فقال: رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف، فاجتمع رأيهم على أن يسموه المصحف. إسناده منقطع أيضا وهو محمول على أنه كان أحد الجامعين بأمر أبي بكر) «٢».

قلت: وقم وهم السيوطي عند ما ذكر أن سالما مولى أبي حذيفة كان أحد الجامعين بأمر أبي بكر، والصحيح أن أبا بكر لم يأمر سالما مولى أبي حذيفة بجمع القرآن، لأن سالما استشهد في معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وجمع القرآن لم يكن إلا بعد انتهاء المعركة واستشهاد عدد كبير من الصحابة من حفظة القرآن بما فيهم سالم، مما أفزع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: (إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ... الحديث) «٣».

ومن الأدلة التي تبين أن سالما قتل يوم اليمامة، قال ابن حجر: وفي رواية سفيان بن عيينة: (فلما قتل سالم مولى أبي حذيفة خشي عمر أن يذهب


(١) ابن بريدة: هو عبد الله بن بريدة الخطيب أبو سهل المروزي، روى عن أنس بن مالك، وأبيه بريدة، وسعيد بن المسيب، وروى عنه كهمس بن الحسن، وعطاء بن السائب، وثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم العزي، قال ابن حجر: ثقة من الثالثة، مات سنة خمس ومائة، وقيل: بل خمس عشرة، وله مائة سنة. ينظر: تهذيب الكمال: ١٤/ ٣٢٨؛ وتقريب التهذيب: ١/ ٣٩٧.
(٢) الإتقان: ١/ ١٢٨.
(٣) من حديث في صحيح البخاري: ٤/ ١٩٠٧، كتاب فضائل القرآن، وقد ذكرناه بطوله في بداية هذا المبحث.

<<  <   >  >>