للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن) «١».

إذن فالرواية الأولى التي تشير إلى أن أول من جمع القرآن علي بن أبي طالب، رواية ضعيفة الإسناد، وفي إسنادها انقطاع، والرواية الثانية والتي تشير إلى أن سالما مولى أبي حذيفة أول من جمع القرآن، فهي أيضا في إسنادها انقطاع كما ذكر الإمام السيوطي. مع أن الجمع قد حصل بعد استشهاد سالم رضي الله عنه.

إن جمع القرآن في صحف أو مصحف لم يعرف لأحد قبل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهذا لا ينافي أن الصحابة كانت لهم صحف أو مصاحف كتبوا فيها القرآن من قبل، لكنها لم تظفر بما ظفرت به الصحف المجموعة على عهد أبي بكر من دقة البحث والتحري، ومن الاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، ومن بلوغها حد التواتر، ومن إجماع الأمة عليها.

إن هذه الرواية- مع كونها ضعيفة- فهي تبين لنا: أن سيدنا عليا رضي الله عنه أو بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف، لكنها لا تعطي هذا المصحف تلك الصفة الإجماعية، ولا تخلع عليه تلك المزايا التي للصحف أو المصحف المجموع في عهد أبي بكر رضي الله عنه، بل هي مصاحف فردية، وقد ذكر سيدنا علي رضي الله عنه هذه الحقيقة في الحديث الذي يرويه ابن أبي داود بسند حسن- والذي مر معنا في بداية هذا المبحث- إذ قال: (أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع بين اللوحين) «٢».

فهذا بيان صريح من سيدنا علي كرم الله وجهه بالأولوية لجمع أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين.


(١) فتح الباري: ٩/ ١٤.
(٢) كتاب المصاحف: ١/ ١٦٦؛ وينظر: الحديث الأول من هذا المبحث.

<<  <   >  >>