يخرج بعد الحالات الثلاث مسألة الغراوين، ومسألة الغراوين هذه مستقاة من الغرة، يعني: كأنها شامة على الجبين بيضاء تظهر؛ وذلك لشهرة هذه المسألة، ويقال لها أيضاً: مسألة العمريتين، ولا بد أن يكون فيها أم وأب وزوج أو زوجة، يعني: لا بد أن يدخل أحد الزوجين، والأم هنا في هذه الحالات ترث مع الزوجة أو الزوج بوجود الأصل الوارث وهو الأب.
وسيكون فرضها ثلث الباقي وليس الثلث مطلقاً.
ومثال ذلك: هلك هالك عن زوجة وأم وأب، فالزوجة لها الربع لعدم وجود الفرع الوارث، والأب سيرث بالتعصيب، والباقي كله له، والأم لها ثلث الباقي، ولو قلنا بالثلث مطلقاً فلن يكون للأب ضعفها، وأصل المسألة سيكون اثني عشر، والزوجة سيكون لها ثلاثة، والأم سيكون لها أربعة، والباقي خمسة للأب، وعندنا هنا أم أنثى وأب في نفس الدرجة، وسيكون للأم أربعة وللأب خمسة، وهذا خلاف التأصيل الفرضي، والتأصيل الفرضي لو وجدت امرأة أنثى مع ذكر في درجة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}[النساء:١١] فلو قلنا: إن للأم ثلث التركة كلها فسنكون هنا خالفنا القاعدة العامة للمواريث، فلذلك جاء عمر وجمع الناس فقال: هما في درجة واحدة، فهل نورثها ثلث التركة أو نورثها ثلث الباقي؟ فورثها ثلث الباقي، وكان في محفل بين المهاجرين والأنصار كلهم معاً فوافقوا عمر، فأصبح هنا دليل المسألة الأثري هو حكم عمر مع الإجماع السكوتي، وهذا الحكم وافق التأصيل والتقعيد القرآني الفرضي؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين.
والصورة الثانية: زوجة ماتت عن زوج وأم وأب، فالزوج له النصف، والأم لها ثلث الباقي، والأب له الباقي، ويصير هنا رأس المسألة ستة، للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وللأب اثنان.
ولو قلنا: إن الأم لها ثلث التركة فسيكون لها اثنان وسيبقى للأب واحد فقط، فلذلك عمر جمع الناس وقال: ليس لها إلا ثلث الباقي.
إذاً: العمريتان هما: زوجة وأم وأب، وزوج وأب وأم.
وتكون الأم مع أحد الزوجين ومع الأب فرضها ثلث الباقي.