الناس يحشرون يوم القيامة عطشى أحوج ما يكونون إلى الماء، والورود إلى الحوض من أعظم ما يؤمله ويتمناه عباد الله الصالحين، سقانا الله منه.
وأهل السنة يؤمنون بالكوثر ويثبتونه، وأنكرت طائفة من الخوارج ومن المعتزلة وجود الحوض، وكان عبيد الله بن زياد الأمير الأموي المعروف ينكر وجود الحوض ويرده، فكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يخبرونه بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن لنبي الله عليه السلام حوضاً، حتى إنه سأل أبا برزة الأسلمي رضي الله عنه: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الحوض؟ فقال أبو برزة رضي الله عنه وأرضاه: ما سمعته مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثاً، ولا أربعاً، ولا خمساً، بل سمعته أكثر من ذلك، لا سقى الله من كذب به.
يريد أن يخوف عبيد الله بن زياد.
ثم أخبره ابن عمر وبعض الصحابة في هذا، وورد أنه قال: أشهد أن الحوض حق.
وسواءً أقر عبيد الله بن زياد أو لم يقر، فالحوض ثابت لا شك فيه.
ودخل أنس رضي الله عنه وأرضاه على عبيد الله بن زياد ومعه أصحابه وخلطاؤه وهم يتمارون في الحوض كأنهم ينكرونه، فقال أنس رضي الله عنه وأرضاه: والله! ما ظننت أنني سأعيش إلى يوم أسمع فيه من يتمارون في الحوض، ولقد تركت في المدينة خلفي عجائز ما صلين صلاة إلا سألن الله فيها أن يسقيهن من حوض نبيهن.
قال الإمام القرطبي رحمه الله: والحوض أركانه أربعة، وهم الخلفاء الراشدون، فمن سبهم أو أبغضهم، أو أبغض واحداً منهم لم يرد الحوض، وهذا القول من القرطبي لم نقف على أثرٍ صحيح يدل عليه، ولا نعلم من أين أتى القرطبي رحمه الله بهذا القول، وإن كان الرجل أحد الأئمة الكبار، وقوله رحمه الله تطمئن إليه النفس، فإن حب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من أعظم القرب إلى الله تبارك وتعالى، ومن أعظم ما يدل على تمكن الإيمان في القلب.
ويجب على المرء أن يحب ما يحبه الله ورسوله، ولا ريب أن الله ورسوله يحبان الصحابة، وقد أثنى الله عليهم، وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم.
موضع الشاهد: أن سب الصحابة يحول بين المرء وبين ورود الحوض، وهذا ذكره أهل السنة رداً على الرافضة الذين يقعون في أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم.