للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يوم الجمعة ويوم القيامة]

قال صلى الله عليه وسلم: (إن يوم القيامة يكون في يوم جمعة، وما من دابة إلا وهي مصيخة تنتظر النفخ في الصور يوم الجمعة).

فالخلائق سوى الثقلين تعلم أن يوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وتدرك أن هذا اليوم يوم جمعة، وإلا فلن تصيخ آذانها وهي لا تعرف أن هذا اليوم يوم جمعة.

من الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن هداها ليوم الجمعة، فالأمم قبلنا حاولوا أن يصلوا إليه لكن لسوء طويتهم وغلبة شقوتهم ضلوا عن طريق الحق، فذهبت اليهود إلى أنه يوم السبت، والنصارى إلى أنه يوم الأحد، وأنت ترى في الغرب اليوم أن يومي الإجازة عندهم هما يوما السبت والأحد، وعندنا يوم الجمعة.

وقد وقفنا على أثر يدل على أن عمر رضي الله عنه وأرضاه هو أول من جعل للناس يوماً يستريحون فيه غير يوم الجمعة، وقلنا: إن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه ترك المدينة وذهب إلى الشام ليأخذ مفاتيح بيت المقدس، ويستلم بيت المقدس صلحاً، فلما عاد استقبله أهل المدينة ولم تجر له عادة أنه يكثر الغياب عن المدينة، فقد كان يهاب أن يخرج منها، ومعلوم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وميتة في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم.

فلما قدم استقبله الغلمان فأحب أن يكافئهم، فقال لهم رضي الله عنه وأرضاه: إما أن أعطيكم أعطيات حلوى أو دنانير أو دراهم أو شيئاً ترضون به، وإما أن أعطيكم يوماً بدل من الكتاتيب، فقال الغلمان: نريد يوماً ليس فيه كتاتيب، فالناس يحبون أن يخرجوا عن المألوف، ويحبون أن يجدوا لهم راحة.

هذا ما يمكن أن يقال عن يوم الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>