إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد تحدثنا فيما سبق عن أربعة من أعلام القرآن الذين ذكرهم الله جل وعلا في كتابه العزيز، وسوف نتحدث إن شاء الله تعالى عن تراجم لخمسة أعلام ذكرهم الله تبارك وتعالى في كتابه، وهم ثلاثة في عصر واحد لأشخاص: فرعون وهامان وقارون، وعلمين ندرسهما لمكانين مباركين هما: عرفات والمشعر الحرام، وهذه الخمس كلها وردت في القرآن، وقد سبق أن الأعلام تكون مكانية، وتكون زمانية، وتكون لأشخاص، وتكون لغير ذلك.
قال الله جل وعلا:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}[غافر:٢٣ - ٢٤].
وقال جل ذكره:{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ}[العنكبوت:٣٩]، وقال في القصص:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}[القصص:٧٦]، وقال تبارك وتعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}[القصص:٨].
التفصيل كالتالي: هؤلاء الثلاثة كلهم كذابون: فرعون وهامان وقارون، لكن ينبغي أن تعلم أن فرعون وهامان من أهل مصر الأصليين، أما قارون فمن قوم موسى من بني إسرائيل، وهؤلاء الثلاثة أحداثهم لم تكن في مكان واحد؛ فرعون وهامان كانا في مصر، أما قضية قارون لم تكن في أرض مصر، كانت بعد خروج موسى من أرض مصر في أرض التيه، فقصة البقرة، وقصة الخضر، وقصة قارون، كلها تمت بعد خروج موسى عليه الصلاة والسلام من أرض مصر، أما فرعون وهامان فكانا زعيمين لأرض مصر، يجمعهما التكذيب بموسى، لكنهم يختلفون في النسب، ويختلفون في قرابتهم من موسى، ويختلفون في الحقبة الزمانية المخصصة التي وقعت فيها الأحداث.
وقد مرت معنا كثيراً قضية موسى وهارون وهامان، ونفصل فيها هنا كما فصلنا فيها سابقاً بالتأملات، ولكن نتكلم هنا من باب الترجمة فقط، ولنبدأ بما بدأ الله به.