[نبذة تعريفية بلقمان الحكيم]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فمن أعلام القرآن لقمان عليه السلام.
ذهب عكرمة من السلف فيما يروى عنه إلى أن لقمان كان نبياً.
والذي عليه أكثر العلماء أنه عبد صالح أحب الله فأحبه الله، وأعطاه الله جل وعلا الحكمة، والمشهور أنه عاش في زمن داود عليه السلام.
قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان:١٢] وهذا قسم من الرب تبارك وتعالى أنه أعطى هذا العبد الصالح الحكمة، وهي الصواب في الأقوال والأعمال، ومعرفة حقائق الأمور هذا مجمل ما يمكن أن يقال عن الحكمة.
والحكمة لها تعريفات عدة، وإنما تعرف بحسب قرائنها، فقول الله جل وعلا: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:٣٤] تفسّر الحكمة هنا بأنها السنة والوحي الذي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا التفسير غير مطرد في كل معنى للحكمة، وإنما بحسب القرائن فـ لقمان أعطاه الله جل وعلا الحكمة بنص القرآن، وجاء القرآن العظيم بسورة مكية كريمة سميت باسم هذا العبد الصالح؛ لأن الله جل وعلا ذكر قصته فيها، وقلنا إن أكثر العلماء على أنه غير نبي، وقال عكرمة والشعبي من السلف فيما ينقل عنهما: إنه نبي.
والتحرير العلمي للمسألة أن يقال: إن لقمان إحدى الشخصيات التي ذكرها القرآن واختلف الناس في نبوتها؛ وهذه الشخصيات هي: ذو القرنين، ولقمان، وحواء، ومريم، وتبع.
فهذه أعلام ذكرها الله جل وعلا في كتابه بالخير؛ إلا أن العلماء اختلفوا في نبوتهم، وأكثر أهل العلم على التوقف، وقيل إن الراجح أنهم غير أنبياء.
قال السيوطي رحمه الله في منظومة له: واختلفت في خضرٍ أهل النقول قيل نبي أو ولي أو رسول لقمان ذي القرنين حوى مريم والوقف في الجميع رأي المُعظم معنى الكلام أن هذه الشخصيات اختلف الناس فيها هل هي أنبياء أو رسل أو أولياء؟ ثم قال السيوطي رحمه الله في عجز البيت الثاني: والوقف في الجميع رأي المُعظمِ.
أي الوقف والتوقف في الحكم هو رأي معظم العلماء، لكن هذا القول لا يسلّم للسيوطي؛ لأن التوقف حاصل في ذي القرنين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا أدري أكان ذو القرنين نبياً أم لا!) ولا ينبغي التوقف في مريم أو حواء؛ لأن الله لم يبعث نبياً امرأة قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف:١٠٩].