[الفروع التي تندرج تحت قول السلف: الإيمان قول وعمل]
من المعلوم أن الذي درج عليه السلف أن الإيمان قولٌ وعمل.
ويتفرع عن هذا القول ثلاث مسائل أصول:
المسألة الأولى: أنه يزيد وينقص، وهذه مسألة ملتحقة -ولابد- بتقرير مسمى الإيمان.
ثم ثمة مسألتان أصول قد تذكران في حال وتؤجلان في حال، وهما:
أولاً: مسألة الأسماء، ويراد بها أسماء أهل الإيمان والدين، والعصاة من المسلمين، وما يتعلق بشأنهم في دار الدنيا من تسميتهم مؤمنين أو فساقاً أو غير ذلك.
وهذه المسألة فرعٌ عن القول في مسمى الإيمان كما سيأتي تفصيله.
ثانياً: مسألة الأحكام، ويراد بها أحكام أهل الملة في الآخرة من جهة الثواب والعقاب.
وهذه المسألة -أيضاً- فرعٌ عن القول في مسمى الإيمان.
وثمة مسألتان تذكران على هذا التقدير في حال وتتركان في حال، وهما ليستا من الأصول على التحقيق، وهما:
أولاً: الفرق بين اسم الإيمان والإسلام.
ثانياً: الاستثناء في الإيمان، وقول الرجل: هو مؤمنٌ إن شاء الله ..
وهاتان المسألتان من حيث الإجمال نَزَعَ بعض أهل السنة من المتأخرين إلى تقوية شأنهما، وجعلهما في مسائل الأصول والإجماع.
والصواب: أنهما ليستا كذلك، فإن جمهور الخلاف فيهما بين السلف إما خلاف لفظي أو خلاف تنوع، ولم يحفظ عن أحد من الأكابر من السلف مادة من خلاف التضاد فيهما، وإن كان حكي ذلك عن بعض أعيانهم، إلا أن النقل يسقط أو يتأخر على أحد وجهين:
الوجه الأول: أن النقل لا يكون مثبتاً، كما نقل عن سفيان الثوري رحمه الله في ذلك.
الوجه الثاني: أن يكون فهم بعض المتأخرين لمراد بعض المتقدمين فيه غلط، كما فهم جملة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله بعض أجوبته على غير وجهها في هذه المسألة.
وعلى هذا تكون المسائل الأصول في باب الإيمان والتي عُني الأئمة بتقريرها:
١ - القول في مسماه.
٢ - القول في زيادته ونقصانه؛ فهي مسألة أصل، والخلاف فيها مع المرجئة وغيرهم معروف ومثبت.
٣ - القول في باب الأسماء والأحكام كفرعٍ عن القول في مسمى الإيمان.
هذه جملة لابد لطالب العلم من اعتبارها في فهم مراد المصنفين من أهل السنة والحديث.
وقد تقدم أن لهذه الرسالة اختصاصاً من جهة فقه مؤلفها لحقائق الأقوال، وهذه مسألةٌ أنبه إليها في صدر هذه الرسالة؛ لأن كثيراً من المتأخرين قد فاتهم هذا الفقه؛ فإن مؤلفها -كما سيأتي في صدرها- ينزع إلى أن المخالفين من المرجئة الفقهاء أتباع حماد بن أبي سليمان رحمه الله هم في دائرة السنة والجماعة، ومن المعدودين في أتباع السلف.
وهذا من فقهه؛ فإن هذا هو التحقيق في شأن هذا القول كما سيأتي بيانه.
لكن إذا قيل: إنه قولٌ لطائفة من أهل السنة فإن هذا لا يستلزم أن لا يقال فيه: إنه بدعة، ولا يستلزم أن لا يقال فيه: إنه مخالفٌ للإجماع، بل يقال: إنه قول لطائفة من أهل السنة، ومع ذلك هو قولٌ بدعة، وقولٌ مخالفٌ للإجماع، كما سيأتي تقريرة وبيانه.