أما أهل البدع فكما أسلفت أنهم تكلموا في هذه المسألة على أصول بدعهم، ومن هنا حرّم عامة المرجئة الاستثناء في الإيمان؛ لأنه يعني الشك، وهذا غلط من جهتين:
الأولى: أنهم فرعوا هذا القول عن أن الإيمان واحد، والصواب: أن الإيمان يزيد وينقص، وهو قول وعمل.
الثانية: أنه لو فرضنا جدلاً أن الإيمان واحد، فإن الاستثناء بذكر مشيئة الرب في الأمور المحققة أمر سائغ، بشرط أن يكون المتكلم لا يقصد التردد، وهذا كقوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح:٢٧] ولهذا قال الله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الكهف:٢٣ - ٢٤] ولو كان الإنسان عازماً وجازماً في مقصد فعله.