والذى يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الانصاف لمخالفيه أحيانا- كما يلمس منه روح التعصب المذهبى التى تستولى على صاحبها فتجعله احيانا كثيرة يرمى مخالفيه، وان كان اماما له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة، تارة بالتصريح، وتارة بالتلميح.
فإذا أضيف إلى ذلك ما ذكرناه من قبل إنه جمع آداب الاخلاق وحسن المعاشرة وكثرة الاحتمال، وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود .. إذا أضيف ذلك علمنا أن ما كتبه ابن العربى فى كتبه كلها انما هو محوط بسياج الروح العلمية الاسلامية الكريمة من عالم جمع إلى العلم وفضله العمل به والسير على منواله. رحم الله ابن العربى واجزل له المثوبة ونفع الله بعلمه أنه سميع مجيب.
وهاك نموذج من تفسيره: قوله تعالى وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فيها ست مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى (أمه) كلمة ذكر لها علماء اللسان خمسة عشر معنى رأيت من بلغها إلى أربعين، منها أن الأمة بمعنى الجماعة، ومنها أن الأمة الرجل الواحد الداعى إلى الحق.
المسألة الثانية: فى هذه الآية إلى بعدها وهى قوله:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (سورة آل عمران الآية ١١٠) دليل على أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية ومن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر نصرة الدين باقامة الحجة على المخالفين، وقد يكون فرض عين إذا عرف منه.
المسألة الثالثة: فى مطلق قوله تعالى:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ (سورة آل عمران الآية ١٠٢)