ما يستصعبه غيره وقنع فى سبيل الوصول إلى ما يبتغيه بالقليل .. إنه يذكر فى كتابه صيد الخاطر، إنه كان فى زمن الطلب يأخذ معه ارغفة يابسة ويخرج فى طلب الحديث، فيقف على نهر عيسى لا يقدر على أكل هذا الخبر اليابس إلا عند المالك، كلما أكل لقمة شرب عليها شربة، وأنه وجد مع ذلك من لذة العلم وحلاوة الإيمان ما جعله يخاف على نفسه العجب ان شرحه ..
ولقد حبب إليه العلم من زمن الطفولة، ولم يرغب فى فن واحد من فنونه، بل رغب فى كل منه، وكان يتردد أبدا بين الزهد والعبادة وبين العلم والبحث.
[شيوخه]
: ومن أهم شيوخه أبو الحسن بن الزاغونى الذى كان كما قال ابن الجوزى:
له فى كل فن من العلم حظ وافر، ووعظ مدة طويلة، وكان له حلقة بجامع المنصور يناظر فيها يوم الجمعة قبل الصلاة ثم يعظ فيها بعد الصلاة، ويجلس يوم السبت أيضا.
وكان من شيوخه أبو القاسم الحريرى وأبو القاسم السمرقندى، وأبو منصور القزاز، وعبد الجبار بن منده، وقرأ الادب على أبى منصور الجواليقى صاحب كتاب المعرب.
وكان فى كل ذلك كما قال عن نفسه: لم أقنع بفن واحد بل كنت اسمع الفقه والحديث، واتبع الزهاد، ثم قرات اللغة، ولم أترك أحدا ممن يروى ويعظ، ولا غريبا يقدم، إلا وأحضره، وأتخير الفضائل، ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفسى من العدو لئلا أسبق، وكنت أصبح وليس لى مأكل، وأمسى وليس لى مأكل، ما أذلنى الله لمخلوق قط.
[الواعظ]
: أما عن وعظه فقد بلغ فيه غاية الشهرة، وكان من أهم أسباب ارتفاع منزلته، وسمو مكانته قال الإمام ناصح الدين بن الحنبليّ الواعظ عنه: