يمثل الإمام القشيرى اتجاها خاصا فى العلوم الإسلامية، إنه الاتجاه الصوفى فى أدق مظاهره وأنقى صوره: اتباع للسنة، وكشف لدقائق الطريق، ورد لما نسب إلى التصوف من مظاهر، وما التصق به من رسوم ..
والإمام القشيرى هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك زين الإسلام القشيرى نسبة إلى قبيلة بنى قشير العربية الأصيلة.
ولد فى قرية من نواحى نيسابور ومات أبوه وهو صغير، فاتجهت اسرته نحو العلم، فسمع من كبار الشيوخ، وتلقى عن كثير من العلماء ومن أهم هؤلاء الذين أثروا فى تكوين شخصيته العلمية وحياته الفكرية ابن فروك وأبو إسحاق الأسفرائني وغيرهم.
ثم ارادت المقادير أن يحضر درس: الأستاذ ابن على الدقاق، ليرى اخلاصا، ويرى تقوى، ويرى نورا يرتسم على وجهه، ويشرق من كلماته فينير قلوب السامعين، وبجذبهم إلى الله، وكانت فطرة القشيرى النقية على استعداد تام لسلوك الطريق، ورأى الإمام أبو على الدقاق فيه النجابة، فقبله فى زمرة مريديه، ثم اصطفاه فى زمرة أخصائه، وزوجه ابنته، مع كثرة أقاربها ..
وتأثر القشيرى بالشيخ الدقاق، وكان ذا شخصية قوية فيما يتصل بالتصوف والصوفية، دقيق البحث عميق الفكرة، رائد السلوك، يقول المناوى عنه:
كان لسان وقته، وإمام عصره، فارها فى العلم، محمود السيرة، مجهود السريرة، جنيدى الطريقة سرى الحقيقة، أخذ مذهب الشافعى عن القفال