إذا ما جئنا بالحديث عن ابن جرير الطبرى وتفسيره فقد جئنا شيخ المفسرين بلا منازع لقد كان ابن جرير أديبا ذا أسلوب- يندر أن يصل إليه فحول الأدباء، لا تحس حينما تقرأه بتكلف أو تصنع بل تحس بالبلاغة والفصاحة تنساب انسياب الماء الرقراق، أو تهدر هدير الأعصار المجتاح، وفى كلا الأمرين تكون بصدد الاسلوب المتقن الآسر.
وكان ابن جرير فقيها. صاحب مذهب فى الفقه، يؤسفنا أن لم يعن به أحد وهذا المذهب الفقهى يصلح أن يعنى به أحد طلبة الدكتوراة فيكون رسالة نفيسة تفيد العلم وتلقى بأضواء نفاذة فى الفقه الإسلامى.
وكان ابن جرير مؤرخا من كبار المؤرخين، وله تاريخه المستفيض المشهور، وكان محدثا من كبار المحدثين، لقد كان أمة وحده.
ولنسر معه فى تسلسل حياته وفى أقوال العلماء عنه وعن تفسيره، فيكون ذلك تفصيلا لما ذكرناه.
هو الإمام المفسر المؤرخ أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى ...
ولد بآمل سنة خمس وعشرين ومائتين، واتجه منذ بواكير حياته إلى طلب العلم ودراسة علوم الدين، فحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وكتب الحديث وهو ابن تسع سنين، ورحل فى طلب العلم إلى كثير من مدن الإسلام ملتقيا بعلمائها، متعرفا على أخبارها، متزودا مما تذخر به من ألوان الثقافة، حتى توفر له من المراجع والمعارف ما مكنه من تأليف الكتب النافعة الجامعة التى خلدت اسمه، ورفعت ذكره، ووضعته فى مكانه البارز بين علماء الإسلام.