الإمام أبو السعود محمد بن مصطفى العمارى الحنفى صاحب التفسير المشهور، وصل إلى مرتبة عالية فى العلوم الدينية، بعد أن قرأ على أبيه وعلى كبار علماء عصره، وتنقل فى المدارس المتنوعة.
وأهلته هذه الدراسة الجادة مع ما منح من ميزات شخصية لتقلد أرقى المناصب الدينية الهامة- فتقلد القضاء فى عدد من البلاد التركية، كان آخرها قضاء العسكر فى ولاية روم «أيلى» ودام عليه مدة ثمان سنين.
ولما توفى مفتى تركيا سعد الله بن عيسى بن أمير خان تولى الفتيا مكانه، فكان له فيها أطيب الأثر، وأجمل الذكر، سارت بفتاويه الركبان، وأشبع حاجة السائلين، واتسع عمله لاجابة الطالبين- وسجلت آراؤه السديدة بأسلوبه اللطيف، الذى صبغت حقائقه العلمية فى أساليب ادبية طيبة، ومما ذكر فى ذلك أنه سئل عن شخص لا هو مريض ولا هو صحيح ولا حى ولا ميت ولا عاقل ولا مجنون، ولا نائم ولا يقظان، فأجاب متكلما بقوله: أن كان لهذا وجود فهو الترياق.
وسئل عن شرب القهوة قبل أن يكمل اشتهارها بعد ما قرر له اجتماع الفسقة على شربها، فأجاب بقوله: ما أكب أهل الفجور على تعاطيه، فينبغى أن يجتنبه من يخشى الله ويتقيه.
لقد حرمها بسبب اجتماع الفساق على تعاطيها وان كانت فى نفسها حلالا، لأن اجتماع الفسقة على شىء، ينقل خبثهم إليه، ويخرجه عما هو عليه من السلامة إلى الضياع ..