رحم الله الشيخ محمد حجازى- لقد عرفناه واحببناه، احببناه لخلقه السمح وادبه الجم. وعلمه الغزير، اما عن خلقه فإنه كان سمحا صفوحا لا تستثيره المهاترات: انه كان يعرض عنها وكان قلبه طاهرا طهر الماء الصافى لا بجمل حقدا لاحد، ولا ضغينة لانسان وكان من الذين اذا مروا باللغو مروا كراما، ولذلك قل اعداؤه وانكمش هؤلاء الذين ينفسون على العالم علمه وعلى المؤلف تأليفه، وعاش حياته فى هدوء نسبى متفرغا للعلم، دائبا على الدراسة.
ولد الشيخ فى محافظة الشرقية عام ١٩١٤ ودرس العلم فى معهد الزقازيق وكان مثالا للطالب المجد الذى لا شأن له يغير ما قدم اليه وهو العلم، ولم تكن مغريات الحياة قد انتشرت فى مدينة الزقازيق، فلم تجذبه زينة الحياة الدنيا، وكان المعهد يأخذ طلبته بالجد الصارم فانصرف الطالب الى التحصيل.
ولما انتهى من دراسته فى معهد الزقازيق يمم وجهه شطر القاهرة دارسا بكلية اللغة العربية، ولم يشغله زخرف القاهرة فجد حتى نال العالمية، ثم عين مدرسا بمعهد الزقازيق الذى تخرج منه والقريب من بلده.
لقد عاد الى المعهد الذى درس فيه طالبا: عاد اليه شيخا مدرسا وكانت سعادته عظيمة وفرحته لا تحد حين مشى بسمته الازهرى الجميل فى فناء هذا المعهد، واخذت عيناه تفحصان الأمكنة التى مشى فيها، او جرى نحوها، او لعب فيها، او تلقى الدرس فى رحابها وها هو يتحدث سعيدا مع بعض طلبة المعهد من بلدته، الذين كانوا قد انتسبوا الى المعهد حين اوشك هو على مغادرته، او الذين انتسبوا اليه من بعده، لقد كان ابناء بلدته يعتزون به، ويعتز هو بهم، فيوجه اليهم النصح فى صورة صديق وفى صورة أخ اكبر.