لقد اكتفى بإشارات فى غاية الايجاز إلى الآراء المختلفة فيما يتعلق بالآيات التى استدلت بها الفرق، وكأنه يفترض شهرة هذه الآراء، ومعرفة الكل بها، ودوام هذه المعرفة، ويتمثل لنا ذلك فى تفسير قوله تعالى:
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (سورة الملك الآية ١٤) إنه يقول: أنكر أن لا يحيط علما بالمضمر والمسر والمجهر من خلقها، وصفته أنه اللطيف أى العالم بدقائق الأشياء، الخبير العالم بحقائق الأشياء، وفيه إثبات خلق الأقوال فيكون دليلا على خلقه أفعال العباد، وقال أبو بكر بن الأمم وجعفر بن حرب من مفعول والفاعل مضمر وهو الله تعالى، فاحتالا بهذا لنفى خلق الأفعال ..
ولم يسلم من الإسرائيليات رغم احتياطه وتحفظه، فتراه عند تفسيره لقوله تعالى من سورة النمل:
وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ.
(سورة النمل الآية ١٦) روى أنه صاحب فاختة (طائر معروف) فأخبر أنها تقول: ليت ذا الخلق لم يخلقوا، وصاح طاوس فقال: يقول: كما تدين تدان، ثم ذكر أصنافا من الطير، وقول كل صنف من هذه الأصناف، دون أن يعقب على ذلك، بل دون أن يحترز من ذكر مثل هذه الأقوال التى لا سند لها من الأحاديث الصحيحة.