ودللت فى تلك الرسالة على كيفية اكتساب الزاد الذى يرقى كاسه فى درجات المعارف حتى يبلغ من معرفته أقصى ما فى قوة البشر أن يدركه من الأحكام والحكم فيطلع من كتاب الله على ملكوت السموات والأرض ويتحقق أن كلامه كما وصفه بقوله ما فرطنا فى الكتاب من شىء جعلنا الله كما قال تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلم.
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ.
(سورة القصص الآية ٥٦) وذكرت أن أول ما يحتاج أن يشتغل به العلوم اللفظية ومن العلوم اللفظية تحقيق الألفاظ المفرقة فتحصيل معانى مفردات ألفاظ القرآن فى كونه من أوائل المعاون لمن يريد أن يدرك معانيه كتحصيل اللبن فى كونه من أول المعاون فى بناء ما يريد أن يبنيه وليس ذلك نافعا فى علم القرآن فقط بل هو نافع فى كل علم من علوم الشرع فألفاظ القرآن هى لب كلام العرب وزبدته وواسطته وكرائمه وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء فى احكامهم وحكمهم وإليها مفزع حذاق الشعر والبلغاء فى نظمهم ونثرهم وما عداها وعدا الألفاظ المتفرعات عنها والمشتقات منها هو بالإضافة إليها كالقشور والنوى بالإضافة إلى أطايب الثمرة، والحثالة والتبن بالإضافة إلى لبوب الحنطة.
والآن نورد نماذج من الكتاب:
١ - (آدم) أبو البشر قيل: سمى بذلك لكون جسده من اديم الأرض وقيل لسمرة فى لونه يقال رجل آدم نحو اسمر وقيل سمى بذلك لكونه من عناصر مختلفة وقوة متفوقة كما قال تعالى «امشاج نبتليه» ويقال جعلت فلانا أدمة أهل أى خلطته بهم وقيل سمى بذلك لما طيب به من الروح المنفوخ فيه المذكور فى قوله ونفخت فيه من روحى وجعل له به العقل والفهم والروية التى فضل بها على غيره كما قال تعالى: