أما قوله سبحانه: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ فالاجل الأول هو أجل كل عبد الذى ينقضى به عمره، والأجل المسمى عنده هو اجل القيامة العامة.
ولهذا قال:«مسمى عنده» فإن وقت الساعة لا يعلمه ملك مقرب ولا نبى مرسل، كما قال: يسألونك عن الساعة ايان مرساها؟ قل: انما علمها عند ربى، لا يجليها لوقتها إلا هو بخلاف ما إذا قال مسمى.
كقوله:«إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى» إذ لم يقيد بأنه مسمى عنده، فقد يعرفه العباد وأما أجل الموت فهذا تعرفه الملائكة الذين يكتبون رزق العبد وأجله وعمله، وشقى او سعيد كما قال فى الصحيحين عن ابن مسعود: أحدكم يجمع خلقه فى بطن امه اربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات فيقال، اكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقى أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فهذا الأجل الذى هو أجل الموت قد يعلمه الله لمن شاء من عباده.
وأما أجل القيامة المسمى عنده فلا يعلمه إلا هو.
وأما قوله: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ فقد قيل ان المراد الجنس أى ما يعمر من عمر انسان، ولا ينقص من عمر انسان، ثم التعمير والتقصير يراد به شيئان:
«أحدهما» أن هذا يطول عمره، وهذا يقصر عمره، فيكون تقصيره نقصا له بالنسبة إلى غيره، كما ان المعمر يطول عمره، وهذا ينقص عمره، فيكون تقصيره نقصا له بالنسبة إلى غيره. كما ان التعمير زيادة بالنسبة إلى آخر.
وقد يراد بالنقص من العمر المكتوب، كما يراد بالزيادة الزيادة فى العمر المكتوب. وعن النبى صلّى الله عليه وسلم انه قال: «من سره ان يبسط له فى رزقه،