ومن هنا كان السر فى انشاء «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين» سنة ١٩٣١ م وكانت سن ابن باديس اذ ذاك ٤٢ عاما.
وكان ابن باديس حلقة فى سلسلة معينة من التيار الفكرى الذى ينتسب اليه كثير من الذين يتجهون الى الاصلاح على نهج جمال الدين الافغانى.
وفى ذلك يقول الشيخ البشير الابراهيمى رحمه الله:
«ان هذه النهضة المباركة المنتشرة اليوم فى الاقطار الاسلامية بشير خير، بقرب رجوع المسلمين الى هذه الهداية، لان هذه النهضة بنيت اصولها على الدعوة الى كتاب الله وتفهمه والعمل به» وقد كان من بواكير ثمار هذه النهضة فى باب التأليف: تفسير الامام النقاد: «محمود الآلوسي» على ما فيه من تشدد فى المذهبية. وتفسير الامير «صديق حسن خان».
ثم جاء إمام النهضة بلا منازع، وفارس الحلبة بلا مدافع الاستاذ الامام «محمد عبده» فجلا بدرسه فى تفسير كتاب الله عن حقائقه التى حام حولها من سبقه ولم يقع عليها وكانت تلك الدروس آية على أن القرآن لا يفسر الا بلسانين:
«لسان العرب، ولسان الزمان».
وبه وبشيخه «جمال الدين» استحكمت هذه النهضة واستمر مريرها.
ثم جاء الشيخ «محمد رشيد رضا» جاريا على ذلك النهج الذى نهجه محمد عبده فى تفسير القرآن، كما جاء شارحا لآرائه وحكمته وفلسفته فى الدين والاخلاق والاجتماع.
ثم جاء اخونا وصديقنا الاستاذ الشيخ «عبد الحميد بن باديس» قائد تلك النهضة بالجزائر، بتفسيره لكلام الله على تلك الطريقة وهو ممن لا يقصر عمن ذكرناهم فى استكمال وسائلها من ملكة بيانية راسخة، وسعة اطلاع