للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اذا ثبت أن القرآن وحى من الله، لم يتقوله محمد صلّى الله عليه وسلم على ربه- كان هذا القرآن تذكرة وعظة ينتفع بها المتقون.

فضمير «وانه» يرجع الى القرآن الذى ان لم يتقدم له ذكر صريح، فقد تقدم ما يعينه ويومئ اليه، فان قوله تعالى:

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لم يرد به الا القرآن الذى كان يزعم المشركون أنه أقاويل وأساطير، والله نفى ذلك واحتج على كذبهم وصدق القرآن.

وقوله «للمتقين» يريد بهم أولئك الذين صفت نفوسهم عن كدورات الاوهام، وخلصت من شوائب الجمود والتقليد، ومالت بفطرتها الى قبول الحق، والاذعان له تنفى

بذلك سخط خالقها، وتحذر عقابه، أمثال هؤلاء هم الذين استعدت نفوسهم لقبول القرآن والاستهداء به، أما أولئك المكذبون الجامدون على ما ورثوه من آبائهم، فان الله توعدهم بقوله:

وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ وليس المراد به افادة أنه تعالى يعلم بالمكذبين فقط، بل المراد أنه تعالى محيط بهم، راصد لهم، غير تارك عقابهم، فاستعمال العلم بهذا المعنى كاستعمال المعرفة، يقال: «أنا أعرف المحسن منكم والمسيء «أى لا يخفى على ذلك منكم ولا أغفل عن مقابلة كل بما يستحقه، ومنه قول ابن الفارض:

«روحى فداك عرفت أم لم تعرف» أى كافيتني بالحسنى أم لم تكافنى.

فهؤلاء المكذبون الذين يعلم الله، وهو من ورائهم، كيف يكون حالهم فى مستقبل الايام فى الدنيا، اذا أظهر الله نبيه، ونصر حزبه، وفى الآخرة اذا أزيح الستار وبطلت الاعذار؟ لا جرم أن تكذيبهم سيكون عليهم حسرة، وهذا معنى قوله تعالى:

«وانه لحسرة على الكافرين» فضمير «انه» يرجع الى التكذيب المفهوم

<<  <   >  >>