والغاية: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وقد تخلف ذلك نهى عن مفاسد تصدهم عن المامورات، مناسبات للاوامر، فقوله (واقيموا الصلاة) الخ ... أمر باعظم القواعد الاسلامية بعد الايمان والنطق بكلمة الاسلام وفيه تعريض بحسن الظن بإجابتهم، وامتثالهم للاوامر السالفة، وانهم كملت لهم الامور المطلوبة ..
وفى هذا الامر تعريض بالمنافقين، ذلك أن الايمان عقد قلبى لا يدل عليه الا النطق، والنطق اللسانى امر سهل قد يقتحمه من لم يعتقد اذا لم يكن ذا غلو فى دينه، فلا يتحرج أن ينطق بكلام يخالف الدين، اذا كان غير معتقد مدلوله، كما قال تعالى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا (سورة البقرة: ١٤) ولذلك امروا بالصلاة والزكاة، لان الاولى عمل يدل على تعظيم الخالق والسجود اليه وخلع الآلهة، ومثل هذا الفعل لا يفعله المشرك لانه يغيظ آلهته بالفعل ويقول: الله اكبر ولا يفعله الكتابى لانه يخالف عبادته، ولان الزكاة انفاق المال وهو عزيز على النفس فلا يبذله المرء فى غير ما ينفعه الا عن اعتقاد نفع أخروى لا سيما اذا كان المال ينفق على العدو فى الدين فلذلك عقب الامر بالايمان بالامر بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة، لانهما لا يتجشمها الا مؤمن صادق، ولذلك جاء فى المنافقين: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى (سورة النساء: ١٤٢) وقوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ .. (سورة الماعون: ٤، ٥) وفى الصحيح أن صلاة العشاء اثقل صلاة على المنافقين ..
وقوله وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ تاكيد لمعنى الصلاة، لان لليهود صلاة لا ركوع فيها، فلكى لا يقولوا إننا نقيم صلاتنا دفع هذا التوهم بقوله: