الكامل الذى صارت شهرته فى الآفاق- وثقف الزجاج من ثقافته الواسعة حتى أخذ فى الظهور واتسعت شهرته لعلمه الغزير ولخلقه الكريم، وأدبه الجم، وعقيدته السليمة.
وقد استدعاه الوزير عبيد الله سليمان بن وهب، وتحدث إليه فرأى علما غزيرا، وأدبا رفيعا، ونفسا متواضعة فلم يزده علمه إلا تواضعا وأدبا. إنه العلم النافع.
وأخذ الوزير يستدعيه من آن لآخر، وفى كل مرة يزداد إعجابه حتى إذا ما وثق به تماما وكل إليه تعليم ابنه القاسم- فن الأدب العربى.
ومضت السنوات، وجاء الوقت الذى تولى الوزارة فيه: القاسم بن عبيد الله تلميذ الزجاج الوفى- فأغدق على الزجاج ما جعله ينعم بحياة أكثر ترفا ونعيما.
ولم تصرف هذه الحياة الزجاج عن الاستمرار فى طلب العلم، بل ربما مكنته من الإزدياد فى طلبه، وكان شعاره هو الشعار الإسلامى:
رَبِّ زِدْنِي عِلْماً. (سورة طه الآية ١١٤) وأخذت- لذلك- شهرته تنتشر وتذيع، حتى طلبه الخليفة العباسى المكتفى بالله وانخرط الزجاج فى مجلس المكتفى بالله، ورأى المكتفى منه ما رآه الوزير من علم غزير وأدب كريم فجعله نديما من ندمائه.
وأقبلت على الزجاج الدنيا من أوسع أبوابها، ولكن ذلك لم يصرف الزجاج عن وجهته، وإنما كان يجلس مدرسا، والتف حوله العلماء يسمعون ويستفيدون، وتتلمذ له كبار العلماء.
وكان من تلاميذه: أبو على الفارسى، صاحب الشهرة الكبيرة فى اللغة والأدب، وتتلمذ عليه الكثيرون الذين كان لهم الأثر البالغ فى النحو واللغة.
ومن أنفس ما ألفه الزجاج هو كتابه فى تفسير القرآن:
لقد كتبه فى فترة بلغ فيها قمة النضج الفكرى من حياته، واستغرق هذا التفسير حوالى ست سنوات وتفسيره هذا يمتاز بأمرين: