واعتاب منبره للعارفين وسائد ثم إذا عقد بين مشايخ الصوفية حبوته، ورأوا قربته من الحق وحظوته: تضاء لوا بين يديه، وتلاشوا بالإضافة إليه وطواهم بساطه فى حواشيه، وانقسموا بين النظر والتفكير فيه، وله شعر يتوج به رءوس معاليه، إذا ختمت به أذناب أماليه».
وتوفى يوم الاحد فى السادس عشر من شهر ربيع الأول عام ٤٦٥ هـ خمس وستين وأربعمائة بمدينة (نيسابور) ودفن بجوار شيخه أبى على الدقاق رحمهما الله رحمة واسعة.
قدم الإمام القشيرى لتفسيره بمقدمة تشير إلى منهجه، وتبين طريقته فى تأليفه فقال:
الحمد الله الذى شرح قلوب أوليائه بعرفانه، وأوضح نهج الحق بلائح برهان لمن أراد طريقه، وأتاج البصيرة لمن ابتغى تحقيقه، وأنزل الفرقان هدى وتبيانا على صفيه محمد صلّى الله عليه وسلم وعلى آله معجزة وبيانا، وأودع صدور العلماء معرفته وتأويله، وأكرمهم بعلم قصصه ونزوله، ورزقهم الإيمان بمحكمة ومتشابهه وناسخه، ووعده ووعيده، وأكرم الاصفياء من عباده بفهم ما أودعه من لطائف اسراره وأنواره، لاستبشار ما ضمنه من دقيق اشاراته، وخفى رموزه بما لوح لاسرارهم من مكنونات، فوقفوا بما خصوا به من أنوار الغيب على ما استتر عن أغيارهم، ثم نطقوا على مراتبهم وأقدارهم والحق سبحانه وتعالى يلهمهم بما به يكرمهم فهم به عنه ناطقون وعن لطائفه مخبرون وإليه يشيرون، وعنه يفصحون والحكم إليه فى جميع ما يأتون به ويذرون.
وقال الإمام أبو القاسم القشيرى رحمه الله:
وكتابنا هذا يأتى على ذكر طرف من اشارات القرآن على لسان أهل المعرفة اما من معانى مقولهم، أو قضايا أصولهم سلكنا فيه طريق الاقلال خشية الملال، مستجدين من الله تعالى عوائد المنة، متبرئين من الحول والمنة، مستعصمين من الخطإ والخلل، مستوفقين لاصوب القول والعمل ملتمسين أن