وما ذهبوا إليه هو تصحيح للنص في ضوء المعطيات التاريخية، لكنه على أي حال تلاعب بالنص الذي يصرح بأن الأربعمائة سنة هي مقدار إقامتهم وذِلتهم واستِعبادهم في مصر، كما هو بيّنُ في قوله:" فيذلونهم أربع مائة سنة"، وقوله:"وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مائة وثلاثين سنة"(الخروج ١٢/ ٤٠)، فليس في النصين أي تضمين لفترة ما قبل دخولهم إلى مصر.
إن العجب ليس فيما سبق من الأغلاط، بل في تلك الأخطاء التي لا يقع فيها كاتب مهما ضعفت مؤهلاته على الكتابة، ومنها أن سفر يشوع شرع يعدد المدن الفلسطينية التي سيأخذها كل سبط من أسباط بني إسرائيل، فيقول عن نصيب سبط يهوذا:" وكانت المدن القصوى التي لسبط بني يهوذا إلى تخم أدوم جنوباً: قبصئيل وعيدر وياجور، وقينة وديمونة وعدعدة، وقادش وحاصور ويثنان، وزيف وطالم وبعلوت، وحاصور وحدتّة وقريوت، وحصرون هي حاصور، وأمام وشماع ومولادة، وحصر جدة وحشمون وبيت فالط، وحصر شوعال وبئر سبع وبزيوتية، وبعلة وعيّيم وعاصم، وألتولد وكسيل وحرمة، وصقلغ ومدمنة وسنسنة، ولباوت وشلحيم وعين، ورمّون. كل المدن تسع وعشرون مع ضياعها"(يشوع ١٥/ ٢١ - ٣٢)، فقد ذكر سبعاً وثلاثين مدينة، وزعم أن عددها تسع وعشرون، فالفرق ثمان مدن.
وقد حاولت نسخة الرهبانية اليسوعية تقليص الفارق، فدمجت بعض الأسماء (حاصور ويثنان = حاصور بتنان)، و (حاصور وحدتة = حاصور حدتة)، و (قريوت وحصرون = قريوت حصرون)، و (عين ورمّون = عين رمون)، وحذفت واحداً (بزيتوتية)، ووضعت بدلاً منه "وتوابعها"، واعتذر محققوها عن تلاعبهم