العجيب أن ينسب هذا الوصف إلى موسى، إذ ما الذي يدعوه لوصف المنّ وطعمه وطريقة طهيه لمن يصنعه ويأكله من معاصريه، يقول السفر:" وأما المنّ فكان كبزر الكزبرة، ومنظره كمنظر المقل، كان الشعب يطوفون ليلتقطوه، ثم يطحنونه بالرحى، أو يدقونه في الهاون، ويطبخونه في القدور، ويعملونه ملّات، وكان طعمه كطعم قطائف بزيت"(العدد ١١/ ٧ - ٨) و (انظر الخروج ١٦/ ٣١)، إنه شاهد آخر ببراءة موسى من كتابة هذه الأسفار.
- ويذكر سفر العدد ما يُشعِر بأن الكاتب قد كتبه بعد جلاء بني إسرائيل من برية سيناء ودخولهم فلسطين فيقول:" ولما كان بنو إسرائيل في البرية، وجدوا رجلاً يحتطب في السبت "(العدد ١٥/ ٣٢)، فالكاتب ليس في البرية حتماً. أي ليس موسى عليه السلام، فإنه قد مات في البرية قبل دخول الأرض المقدسة.
- ومن أدلة براءة موسى من هذه الأسفار قول التوراة:" وسكنوا مكانهم كما فعل إسرائيل بأرض ميراثهم التي أعطاهم الرب"(التثنية ٢/ ١٢) والنص يفيد أن الكاتب قد أدرك دخول بني إسرائيل الأرض المقدسة، وهو ما حصل بعد وفاة موسى عليه السلام.
- ومثله في قول التوراة، والمفترض أن الكاتب هو موسى " اجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلّوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض (فلسطين) "(التكوين ١٢/ ٥ - ٦)، فالكاتب أدرك خروج الكنعانيين من الأرض بعد دخول بني إسرائيل، فهو ليس موسى.
- ونحوه قول كاتب الأسفار:"وكان الكنعانيون والفرزّيون حينئذ ساكنين في الأرض"(التكوين ١٣/ ٧)، وهذا النص جعلته نسخة الرهبانية اليسوعية بين قوسين للإيهام بأنه ملحق بالسياق، والصحيح أصالته، وأن السفر متأخر التأليف.
- ونحوه في قوله: " وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما ملكَ ملِكٌ