لبني إسرائيل" (التكوين ٣٦/ ٣١)، فالكاتب قد أدرك عهد الملكية الذي كان بعد موسى بأربعة قرون.
وقد أقر المحقق آدم كلارك بوقوع التحريف في هذا النص، وقال: " غالب ظني أن موسى ما كتب هذه الآية، والآيات التي بعدها إلى التاسعة والثلاثين .. وأظن ظناً قوياً قريباً من اليقين أن هذه الآيات كانت مكتوبة على حاشية نسخة صحيحة، فظن الناقل أنها جزء من المتن فأدخلها فيه " (١)، ولم يبين دليله الذي دفعه لهذا الظن الذي قارب اليقين، لكن هذا التبرير من كلارك يفضي إلى الشك بجملة الكتاب المقدس، إذ كما جاز للناسخ أن يدخل في المتن هنا ما ليس فيه، فإنه يجوز وقوع ذلك في سائر الكتاب ..
- لكن الطامة الكبرى والداهية العظمى أن يذكر خبر وفاة موسى عليه السلام وندب نبي إسرائيل له، وذلك في أسفار تنسب إلى موسى، فقد جاء في سفر التثنية " فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب، ودفنه في الجواء في أرض مؤاب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم، وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات، ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، فبكى بنو إسرائيل في عربات مؤاب ثلاثين يوماً، فكمُلت أيام بكاء مناحة موسى " (التثنية ٣٤/ ٥ - ٨)، والملاحظ دوماً أنه حديث عن الماضي البعيد، وليس إخباراً عن المستقبل.
ومما لا تقبل نسبته إلى موسى في الأسفار الخمسة ما جاء فيها من ثناء على موسى باستخدام صيغة الغائب، وهذا الثناء هو بالحقيقة شهادات من الغير له، فلا يعقل أن يقول موسى عن نفسه: "موسى رجلاً حليماً جداً أكثر من جميع الناس " (العدد ١٢/ ٣).