وقال شارح الطحاوية (ص ٢٤٨ - ٢٤٩) : ". . . الصحيح أنه رآه بقلبه ولم يره بعين رأسه، وقوله: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم: ١١] ، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم: ١٣] ، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبرائيل رآه مرتين على صورته التي خُلِق عليها، وأما قوله تعالى في سورة النجم: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فهو غير الدنوّ والتدلي المذكورين في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة وابن مسعود - رضي الله عنهما - فإنه قال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى [النجم: ٥ - ٨] ، فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القُوى. (٢) ذكر ابن القيم - رحمه الله - في " زاد المعاد " (٥ / ٣٧) قوله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربي تبارك وتعالى " - رواه أحمد (١ / ٣٦٨ و ٢٨٥) وابن أبي عاصم (٤٣٣) وغيرهما وهو حديث صحيح كما في " ظلال الجنة " ولكنه قال: مختصر من حديث الرؤيا -: " إن هذا لم يكن في الإسراء ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح ثم أخبرهم عن رؤيته تلك الليلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد وقال: نعم رآه حقا فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد ولم يقل أحمد - رحمه الله - أنه رآه بعيني رأسه يقظة. ومن حكي ذلك عنه فقد وهم عليه ولكن قال مرة رآه ومرة قال رآه بفؤاده فحكيت عنه روايتان. وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك " انتهى. قلت: والرواية التي أشار لها المؤلف عن أحمد رواها الخلال في كتاب " السنّة " كما في " فتح الباري " (٨ / ٦٠٨ - ٦٠٩) عن المروزي " قلت لأحمد إنهم يقولون إن عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: بقول النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ربي، قول النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من قولها ". (٣) انظر التعليق السابق.