(٢) قلت: ولقد أحسن المؤلف في قوله "بأن يقلد فيما خفي عليه بقدر الضرورة" أي لا يجعل التقليد دينًا وديدنًا يعارض به النصوص كما قال الكرخي: "كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ " تاريخ التشريع الإسلامي للخضري (ص ٣٣٢) كما في "بدعة التعصب المذهبي" (ص ١٣٣) . ولله در الشافعي حيث قال في "الرسالة": "وبالتقليد أغفل من أغفل منهم". وإنما يصار إلى التقليد عند العجز عن تمييز الدليل ومعرفته وعدم وجود من يوثق بدينه وعلمه لأن الله عز وجل يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: ٤٣] فمن عجز عن اتباع الدليل ولم يجد من يسأله لزمه التقليد بحكم الضرورة على حد "قد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع "- كما قال سعيد بن جُبَير لحصين بن عبد الرحمن في أمر الرُّقْية كما في البخاري (١١ / ٤٠٥- ٤٠٦ فتح الباري) ومسلم (٢٢٠) - حتى يصله الخبر ويصير إليه إن خالف ما قلّد مع احترامنا وحُبِّنا للأئمة جميعا. قال أبو جعفر الطحاوي في "عقيدته " (ص ٥٥٤ شرحها) . "وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين- أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر- لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل". (٣) لعله يقصد معاصره الشيخ أبا الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الحنفي رحمه الله (ت ١٣٠٤ هـ) لما يُعْلم بينهما.