للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

فتركوا ذلك وعدوا ما فيها من المباح مما ليس عليه ملك لأحد من مسلم ولا معاهد يستعين به القوي والضعيف فإذا هو فوق السبعين صنفًا.

ومنها مدينة منف (١)، وأبنيتها وعجائبها وأصنامها ودفائنها وكنوزها أكثر من أن تحصى، لا يدفع ذلك دافع، ولا ينكره منكر، من آثار الملوك والحكماء والأنبياء.

قال إبراهيم بن منقذ الخولاني: خرجنا إلى منف، فإذا بعثمان (٢) بن صالح جالس على باب الكنيسة فسلمنا عليه، فقال أتدرون ما مكتوب على باب الكنيسة؟ قلنا: ما هو؟ قال: مكتوب عليه، أنا فلان بن فلان، لا تلموني على صغر هذه الكنيسة، فإني اشتريت كل ذراع منها بمائة دينار، فقلنا: إن لهذه قصة، فقال: ها هنا وكز (٣) موسى عليه السلام الرجل فقتله.

ومنها مدينة عين شمس، وهي هيكل الشمس، وبها العمودان اللذان لم ير أعجب منهما ولا من شأنهما، فإنهما محمولان على وجه الأرض ليس لهما أساس، وطولهما في السماء نحو خمسين ذراعًا، فيهما صورة إنسان على دابة، وعلى رأسهما شبه الصومعتين، من نحاس، فإذا جرى النيل قطر من رأسهما ماء، وتستبينه وتراه منهما واضحًا ينبع.

ومنها. الفرما (٤)، وهي أكثر عجائب وأقدم آثارًا، ويذكر أهل مصر أنه كان منها طريق إلى جزيرة قبرس في البر، فغلب عليها البحر.


(١) منف: اسم مدينة فرعون مصر، وأصلها باللغة القبطية مافه أي مدينة الثلاثين، فعربت، فقيل: منف. وكانت عاصمة مصر بعد الطوفان، كما كانت من أعمال الجيزية غربى النيل، على مسافة اثنى عشر ميلا من الفسطاط (خطط المقريزى ١/ ١٣٤) (معجم البلدان ٤/ ٦٦٧).
(٢) سبقت ترجمته.
(٣) وكزه: دفعه وضربه.
(٤) من هنا إلى قوله: "وفيه ما يكون طول البسرة منه قريبا من فتر"، ذكره المقريزى في الخطط في / ٢١١، ٢١٢، ونسبه إلى ابن الكندى.