للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كتمانهم وما سُئِلوا عنه، قال ذلك ابن عباس، وحديثُه مخرج في "الصحيحين" (١).

وفيهما أيضًا عن أبي سعيد أنها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلَّفوا عنه، وفَرِحُوا بمقعدهم خلافَه فإذا قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو، اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبُّوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا (٢).

وفي حديث ابن مسعود عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَنْ غَشَّنا، فَلَيسَ مِنَّا، والمَكْرُ والخَديعةُ في النَّارِ" (٣).

وقد وصف الله المنافقين بالمخادعة، وأحسن أبو العتاهية في قوله:

لَيسَ دُنيا إلَّا بدينٍ وليسَ الدِّ … ينُ إلَّا مكارِمَ الأخلاقِ

إنما المكر والخديعَةُ في النَّا … رِ هُما مِنْ خِصالِ أهْلِ النِّفاق

ولما تقرَّر عند الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النفاق هو اختلافُ السرِّ والعلانية خشي بعضهم على نفسه أن يكونَ إذا تغير عليه حضورُ قلبه ورقتُه وخشوعُه عندَ سماعِ الذكر برجوعه إلى الدنيا والاشتغال بالأهل والأولاد والأموال أن يكونَ ذلك منه نفاقًا، كما في "صحيح مسلم" (٤) عن حنظلة الأسيدي أنَّه مرَّ بأبي بكر وهو يبكي، فقال: ما لك؟ قال: نافق حنظلةُ يا أبا بكر، نكون عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُذكِّرُنا بالجنة والنار كأنّا رأيُ عين، فإذا رجعنا، عافَسنا الأزواج والضيعة فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنَّا لكذلك، فانطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما لك يا حَنْظَلة؟ " قال: نافق حنظلة يا رسولَ الله، وذكر له مثلَ ما قال لأبي بكر،


(١) رواه البخاري (٤٥٦٨)، ومسلم (٢٧٧٨).
(٢) البخاري (٤٥٦٧)، ومسلم (٢٧٧٧).
(٣) رواه الطبراني في "الكبير" (١٠٢٣٤)، و"الصغير" (٧٣٨)، والقضاعي (٢٥٣)، وصححه ابن حبان (٥٥٥٩)، وقد تقدم.
(٤) برقم (٢٧٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>