للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرزقُ، قال الله عزَّ وجلّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٢ - ٣]، وقد قرأ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية على أبي ذرٍّ، وقال له: "لو أنَّ الناسَ كُلَّهم أخَذوا بها لَكَفتهم" (١) يعني: لو أنهم حقَّقوا التَّقوى والتوكل؛ لاكتَفَوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم. وقد سبق الكلامُ على هذا المعنى في شرح حديثِ ابن عباس: "احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ" (٢).

قال بعضُ السلف: بِحَسبِكَ من التوسل إليه أن يَعلَمَ من قلبك حُسنَ توكُّلك عليه، فكم من عبدٍ من عَباده قد فوَّضَ إليه أمره، فكفاه منه ما أهمّه، ثم قرأ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، وحقيقة التوكّل: هو صدقُ اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلَّها، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإِيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه.

قال سعيدُ بنُ جبير: التوكل جِماع الإِيمان (٣).

وقال وهب بن مُنبِّه: الغاية القصوى التوكل.

قال الحسن: إن توكلَ العبد على ربِّه أن يعلمَ أن الله هو ثقته.

وفي حديث ابنِ عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَنْ سرَّه أن يكونَ أقوى الناس، فليتوكل على الله" (٤).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) وهو الحديث التاسع عشر.
(٣) أورده ابن أبي الدنيا في "التوكل" (٣٥)، وهو في "الحلية" ٤/ ٢٧٤.
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "التوكل" (٩)، وفي سنده عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو متفق على ضعفه، وأبوه ضعيف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>