للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في الماء يذكر الله مع دوابٍّ البحر (١).

نام بعضُهم عند إبراهيم بن أدهم قال: فكنتُ كلَّما استيقظتُ من الليل، وجدتُه يذكر الله، فأغتمٌ، ثم أُعزِّي نفسي بهذه الآية: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٥٤].

المحبُّ اسم محبوبه لا يغيبُ عن قلبه، فلو كُلّف أن ينسى تذكُّره لما قدر، ولو كلف أن يكفّ عن ذكره بلسانه لما صبر.

كَيْفَ يَنسى المُحبُّ ذِكرَ حَبيبٍ … اسمُه في فُؤاده مَكتوبُ

كان بلالٌ كلَّما عذَّبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول: أحدٌ أحدٌ، فإذا قالوا له: قُل: اللات والعُزَّى، قال: لا أحسنه (٢).

يُراد مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم … وتَأبَى الطِّباعُ على النَّاقِل

كلَّما قويت المعرفةُ، صار الذكرُ يجري على لسان الذاكر من غير كُلفة، حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه: الله الله، ولهذا يُلهم أهلُ الجنة التَّسبيح، كما يُلهمون النفسَ، وتصيرُ "لا إله إلا الله" لهم، كالماء البارد لأهل الدنيا، كان الثوري ينشد:

لا لأِنِّي أنساكَ أُكثرُ ذِكرا … كَ ولكنْ بِذاكَ يَجري لِساني

إذا سمِعَ المحبُّ ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه، وتضاعف قَلَقُه، قال النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعودٍ: "اقرأ عليَّ القرآن"، قال: أقرأ عليكَ وعَلَيكَ أُنزل؟ قال: "إنِّي أُحبُّ أن أسمعه من غيري"، فقرأ عليه، ففاضت عيناه (٣).


(١) وذكر أبو نعيم في "الحلية" ١٠/ ١٤١ عن الحكم بن أبان الصنعاني نحو ذلك.
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات" ٣/ ٢٣٢ عن عمير بن إسحاق، قال: كان بلال …
(٣) رواه البخاري (٥٠٥٠)، ومسلم (٨٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>