صلاة العشاء وصلاة الفجر، وما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فشرع كلِّ واحدة من هاتين الصَّلاتين صلاة تكون نافلةً؛ لئلاَّ يطولَ وقتُ الغفلة عن الذِّكر، فشرع ما بَين صلاةِ العشاء، وصلاة الفجر صلاةَ الوتر وقيامَ الليل، وشرع ما بين صلاة الفجر، وصلاة الظهر صلاة الضحى.
ويعضُ هذه الصلوات آكدُ من بعض، فآكدُها الوتر، ولذلك اختلفَ العلماءُ في وجوبه، ثمَّ قيامُ الليل، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُداومُ عليه حضرًا وسفرًا، ثمَّ صلاة الضحى، وقد اختلف الناسُ فيها، وفي استحباب المداومة عليها، وفي الترغيب فيها أحاديث صحيحة، وورد التَّرغيبُ أيضًا في الصَّلاة عقيبَ زوالِ الشَّمس.
وأما الذكرُ باللسان، فمشروعٌ في جميع الأوقات، ويتأكَّدُ في بعضها.
فممَّا يتأكَّد فيه الذكرُ عقيبَ الصَّلوات المفروضات، وأن يُذكر الله عقيبَ كلِّ صلاة منها مئة مرة ما بين تسبيح وتحميدٍ وتكبيرٍ وتهليلٍ.
ويُستحبُّ -أيضًا- الذِّكرُ بعدَ الصَّلاتين اللتين لا تَطوُّعَ بعدهما، وهما: الفَجرُ والعصرُ، فيُشرع الذكرُ بعد صلاة الفجر إلى أن تطلُع الشَّمسُ، وبعدَ العصر حتَّى تغربَ الشمس، وهذان الوقتان -أعني وقت الفجر ووقت العصر- هما أفضلُ أوقات النَّهار للذِّكر، ولهذا أمر الله تعالى بذكره فيهما في مواضع من القرآن كقوله:{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب: ٤٢]، وقوله:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الإنسان: ٢٥]، وقوله:{وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[آل عمران: ٤١]، وقوله:{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}[مريم: ١١]، وقوله:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}[الروم: ١٧]، وقوله:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[غافر: ٥٥]، وقوله:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}[الأعراف: ٢٠٥]، وقوله:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}[طه: ١٣٠]، وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ