للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر علماء أهل الطبِّ ما يُوافق ذلك، وقالوا: إنَّ المنيَّ إذا وقعَ في الرحم، حصل له زَبَديَّةٌ ورغوةٌ ستَّةَ أيَّامٍ أو سبعة، وفي هذه الأيام تصوَّرُ النطفةُ مِنْ غير استمداد من الرحم، ثم بعدَ ذلك تستمد منه، وابتداء الخطوط والنقط بعد هذا بثلاثة أيام، وقد يتقدَّم يومًا ويتأخَّر يومًا، ثم بعدَ ستة أيام - وهو الخامس عشر من وقت العلوق - ينفُذُ الدم إلى الجميع فيصير علقة، ثم تتميَّز الأعضاءُ تميزًا ظاهرًا، ويتنحَّى بعضُها عن مُماسَّةِ بعضٍ، وتمتدُّ رطوبةُ النُّخاع، ثم بعد تسعةِ أيام ينفصلُ الرأسُ عن المنكبين والأطراف عن الأصابع تميزًا يتبين في بعض، ويخفى في بعضٍ.

قالوا: وأقلّ مدَّة يتصوَّر الذكر فيها ثلاثون يومًا، والزمان المعتدل في تصوُّرِ الجنين خمسة وثلاثون يومًا، وقد يتصوَّر في خمسة وأربعين يومًا. قالوا: ولم وجد في الأَسقاط ذَكَرٌ تَمَّ قبل ثلاثين يومًا، ولا أنثى قبل أربعين يومًا، فهذا يوافق ما دلَّ عليه حديثُ حذيفةَ بن أسيدٍ في التخليق في الأربعين الثانية، ومصيره لحمًا فيها أيضًا.

وقد حَمل بعضُهم حديث ابن مسعود على أن الجنين يغلِبُ عليه في الأربعين الأولى وصفُ المنيّ، وفي الأربعين الثانية وصفُ العلقة، وفي الأربعين الثالثة وصفُ المضغة، وإن كانت خلقته قد تمَّت وتمَّ تصويرُهُ، وليس في حديث ابن مسعود ذكرُ وقتِ تصوير الجنين (١).

وقد روي عن ابن مسعود نفسِه ما يدلُّ على أن تصويره قد يقعُ قبل الأربعين


= المنثور" ٨/ ٣٦٧، ونسبه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم.
(١) انظر لزامًا فتاوى ابن الصَّلاح ١/ ١٦٤ - ١٦٧، وشرح مسلم ١٦/ ١٩١، و"تُحفة المودود" لابن القيِّم ص ٢٠٧ - ٢٠٩ بعناية الأستاذ بسَّام الجابي، و"فتح الباري" ١١/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>