أخذ ذلك التراب، خرَّجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(١)، ولكن السدي مختلف في أمره، وكان الإِمام أحمد ينكر عليه جمعهُ الأسانيد المتعددة للتفسير الواحد، كما كان هو وغيرُه يُنكرون على الواقدي جمعه الأسانيدَ المتعددة للحديثِ الواحد.
وقد أخذ طوائف من الفقهاء بظاهر هذه الرواية، وتأوَّلوا حديثَ ابن مسعود المرفوع عليها، وقالوا: أقلُّ ما يتبيَّن خلق الولد أحد وثمانون يومًا، لأنه لا يكون مُضغةً إلا في الأربعين الثالثة، ولا يتخلق قبل أن يكون مضغةً.
وقال أصحابُنا وأصحابُ الشافعي بناءً على هذا الأصل: إنَّه لا تنقضي العدّةُ، ولا تعتق أم الولد إلا بالمضغة المخلَّقة، وأقلُّ ما يمكن أن يتخلق ويتصوَّر في أحد وثمانين يومًا.
وقال أحمد في العلقة: هي دم لا يستبين فيها الخلقُ، فإن كانت المضغةُ غيرَ مخلقة، فهل تنقضي بها العدّة، وتصيرُ أمُّ الولد بها مستولدةً؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، وإن لم يظهر فيها التخطيط، ولكن كان خفيًا لا يعرفه إلا أهل الخبرة مِنَ النِّساء، فشهِدْن بذلك، قُبلَت شهادتُهنَّ، ولا فرق بين أن يكونَ بعد تمام أربعة أشهر أو قبلها عند أكثر العلماء، ونصَّ على ذلك الإِمام أحمد في رواية خلق من أصحابه، ونقل عنه ابنه صالح في الطفل في الأربعة يتبين خلقه.
(١) برقم (٦٥٦٩). وفي سنده أسباط بن نصر الهمداني ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي، ووثقه ابن معين: والسدي - واسمه إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن أبي كريمة - مُختَلفٌ فيه، قال يحيى القطان والنسائي: لا بأس به، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: في حديثه ضعف، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، ولينه أبو زُرعة، وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به.