للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ أمره، ثم تدفع إلى الملك عند ذلك، فيقول: يا ربّ أسَقْطٌ أم تام؟ فيبين له، ثم يقول: يا ربّ أناقصُ الأجل أم تام الأجل؟ فيبين له، ويقول: يا ربِّ أواحد أم توأم؟ فيبين له، فيقول: يا ربّ أذكر أم أنثى؟ فيبين له، ثم يقول: يا ربِّ، أشقيٌّ أم سعيد؟ فيبين له، ثم يقول: يا ربّ اقطع له رزقه، فيقطع له رزقه مع أجله، فيهبط بهما جميعًا. فوالذي نفسي بيده لا ينال من الدُّنيا إلا ما قسم له (١).

وخرَّج ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي ذر، قال: إن المني يمكثُ في الرَّحم أربعينَ ليلةً، فيأتيه مَلَكُ النُّفوس، فيعرج به إلى الجبَّار عزَّ وجلَّ، فيقول: يا ربّ أذكرٌ أم أنثى؟ فيقضي الله عزَّ وجلَّ ما هو قاضٍ، ثم يقول: يا ربّ، أشقيٌّ أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاقٍ بين يديه، ثم تلا أبو ذرّ من فاتحة سورة التغابن إلى قوله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [التغابن: ٣] (٢).

وهذا كله يوافق ما في حديث حذيفة بن أسيدٍ. وقد تقدم عن ابن عباس أن كتابة الملَكِ تكونُ بعدَ نفخِ الروح بأربعين ليلة وأن إسناده فيه نظر.

وقد جمع بعضُهم بين هذه الأحاديث والآثار، وبينَ حديث ابن مسعود، فأثبت الكتابة مرَّتين، وقد يقال مع ذلك: إن إحداهما في السماء والأخرى في بطن الأم، والأظهر - والله أعلم - أنها مرّة واحدة، ولعلَّ ذلك يختلف باختلاف الأجنَّة، فبعضهم يُكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى، وبعضهم بعد الأربعين الثالثة.


(١) رواه اللالكائي في "أصول الاعتقاد" (١٢٣٦)، وإسناده ضعيف جدًّا.
(٢) ورواه أيضًا الطبري في "جامع البيان" ٨/ ١١٩ - ١٢٠ عن أبي ذر موقوفًا، وفيه ابن لهيعة، وهو سيء الحفظ، ورواه الدارمي في "الرد على الجهمية" ص ٣٠ - ٣١ عن أبي ذرٍّ مرفوعًا، وفيه ابن لهيعة أيضًا.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٨/ ١٨٢ من رواية أبي ذر مرفوعًا، ونسبه لعبد بن حميد والطبرى وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>