للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ففي "الصحيحين" عن عليّ بن أبي طالب عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما مِنْ نفسٍ منفوسةٍ إلَّا وقد كتب الله مكانَها من الجنَّة أو النَّار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة"، فقال رجل: يا رسولَ الله، أفلا نمكُثُ على كتابنا، وندعُ العمل؟ فقال: "اعملوا، فكلٌّ ميسَّر لِما خُلِقَ له، أمَّا أهلُ السَّعادة، فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهلُ الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشَّقاوة"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآيتين [الليل: ٥] (١).

ففي هذا الحديث أن السعادة والشقاوة قد سبقَ الكتابُ بهما، وأنَّ ذلك مُقدَّرٌ بحسب الأعمال، وأن كلًّا ميسر لما خُلق له من الأعمال التي هي سببٌ للسعادة أو الشقاوة.

وفي "الصحيحين" عن عمرانَ بن حُصينٍ، قال: قال رجل: يا رسول الله، أيُعرَفُ أهلُ الجَنَّةِ مِنْ أهلِ النَّارِ؟ قال: "نَعَمْ"، قال: فَلِمَ يعملُ العاملونَ؟ قال: "كلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له، أو لما ييسر له" (٢).

وقد روي هذا المعنى عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوهٍ كثيرةٍ، وحديث ابن مسعود فيه أن السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال.

وقد قيل: إن قوله في آخر الحديث "فوالله الَّذي لا إله غيره، إنَّ أحدَكم ليَعمَلُ بعملِ أهل الجنَّة" إلى آخر الحديث مُدرَجٌ من كلام ابن مسعود، كذلك رواه سلمة بنُ كهيلٍ، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعودٍ من قوله (٣)، وقد رُوي هذا المعنى عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوهٍ متعددة أيضًا.


(١) رواه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧)، وصححه ابن حبان (٣٣٤).
(٢) رواه البخاري (٦٥٩٦)، ومسلم (٢٦٤٩)، وصححه ابن حبان (٣٣٣).
(٣) رواه أحمد ١/ ٤١٤، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" ٧/ ٢٩ من طريق فطر بن خليفة عن سَلمةَ بن كهيل به. وانظر لزامًا "الفتح" ١١/ ٤٨٦ - ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>