المهديِّين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجِذ، وإيَّاكُم ومُحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كُلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلِّ بدعةٍ ضلالةٌ".
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته: "أصدقُ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرُ الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها" (١) وسنؤخر الكلام على المحدثات إلى ذكر حديث العرباض المشار إليه، ونتكلم هاهنا على الأعمال التي ليس عليها أمر الشارع وردها.
فهذا الحديث يدلُّ بمنطوقه على أن كلَّ عملٍ ليس عليه أمر الشارع، فهو مردود، ويدلّ بمفهومه على أن كلَّ عمل عليه أمره، فهو غير مردود، والمراد بأمره هاهنا: دينُه وشرعُه، كالمراد بقوله في الرواية الأخرى: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه".
فالمعنى إذًا: أن مَنْ كان عملُه خارجًا عن الشرع ليس متقيدًا بالشرع، فهو مردود.
وقوله: "ليس عليه أمرنا" إشارةٌ إلى أن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحتَ أحكام الشريعة، وتكون أحكام الشريعة حاكمةً عليها بأمرها ونهيها، فمن كان عملُه جاريًا تحت أحكام الشرع، موافقًا لها، فهو مقبولٌ، ومن كان خارجًا عن ذلك، فهو مردودٌ.
والأعمال قسمان: عبادات، ومعاملات.
فأما العبادات، فما كان منها خارجًا عن حكم الله ورسوله بالكلية، فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ
(١) رواه بهذا اللفظ النسائي ٣/ ١٨٨ - ١٨٩. ورواه بلفظ: "خير الحديث … " مسلم (٦٨٧)، وابن ماجه (٤٥).