للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، وبنحو هذا المعنى فسر المشتبهات أحمدُ وإسحاق وغيرهما من الأئمة.

وحاصلُ الأمر أن الله تعالى أنزل على نبيه الكتاب، وبين فيه للأمة ما يحتاجُ إليه من حلال وحرام، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] قال مجاهد وغيرُه: لكلِّ شيءٍ أُمِرُوا به أو نُهوا عنه، وقال تعالى في آخر سورة النساء [الآية: ١٧٦] التي بَيَّنَ الله فيها كثيرًا من أحكام الأموال والأبضاع: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: ١١٥] ووكل بيان ما أشكل من التنزيل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وما قُبض صلى الله عليه وسلم حتَّى أكمل له ولأُمته الدينَ، ولهذا أنزل عليه بعرفة قَبْلَ موته بمدة يسيرة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تَركتُكُم على بَيضاءَ نقية لَيلُها كنهارِها لا يَزِيغُ عنها إلَّا هالِكٌ" (١).

وقال أبو ذرٍّ: توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائِرٌ يُحرِّكُ جناحَيهِ في السَّماءِ إلَّا وقد ذَكَرَ لنا منه عِلمًا (٢).


(١) قطعة من حديثٍ حسن، رواه أحمد ٤/ ٢٦ وابن ماجه (٤٣)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (٧٩) من حديث العِرباض بن سارية.
(٢) رواه أحمد ٥/ ٥٣ و ١٦٢، قال في "المجمع" ٨/ ٢٦٣ - ٢٦٤: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وهو ثقة، وفي إسناد أحمد من لم يُسمَّ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>