لله عزَّ وجلَّ، يحبُّونه ويُحِبُّونَ ذكره، ويُحبِّبونَه إلى خلقه، يمشون بَيْنَ عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يومَ تبدو الفضائح، أولئك أولياءُ الله وأحبَّاؤه وأهلُ صفوته، أولئك الذين لا راحةَ لهم دونَ لقائه. وقال ابنُ عُلَيَّةَ في قول أبي بكر المزني: ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوم ولا صلاةٍ، ولكن بشيء كان في قلبه، قال: الذي كان في قلبه الحبُّ لله عزّوجل، والنصيحة في خلقه.
وقال الفضيلُ بن عياض: ما أدركَ عندنا مَنْ أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاءِ الأنفس، وسلامةِ الصدور، والنصح للأمة.
وسئل ابنُ المباركَ: أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: النصحُ لله.
وقال معمر: كان يقال: أنصحُ الناسِ لك منْ خافَ الله فيك.
وكان السلفُ أذا أرادوا نصيحةَ أحدِ، وعظوه سرًا حتى قال بعضهم: منْ وعظ أخاه فيما بينه وبينَه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.
وقال الفضيل: المؤمن يَسْتُرُ ويَنْصَحُ، والفاجرُ يهتك ويُعيِّرُ.
وقال عبد العزيز بن أبي رواد: كان مَنْ كان قبلكم إذا رأى الرجلُ من أخيه شيئًا يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره.
وسئل ابنُ عباسٍ رضي إله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف، ونهيه عن المنكر، فقال: إن كنت فاعلًا ولا بدَّ، ففيما بينك وبينه.
وقال الإِمام أحمد رحمه الله: ليس على المسلم نصحُ الذمي، وعليه نصحُ المسلم. وقال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "والنصح لكل مسلم، وأن ينصح لجماعةِ المسلمين وعامتهم ".