للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لعمر: إنما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشهدُوا أن لا إله إلَّا الله، وأنِّي رسول الله، ويُقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" وخرَّجه ابنُ خزيمة في "صحيحه" (١)، ولكن هذه الرواية أخطأ فيها عمران القطان إسنادًا ومتنًا، قاله أئمة الحفاظ، منهم عليّ بن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي والنسائي، ولم يكن هذا الحديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ عند أبي بكر ولا عمر، وإنما قال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإنَّ الزكاة حقُّ المال، وهذا أخذه - والله أعلمُ - من قوله في الحديث "إِلا بحقها". وفي رواية: "إلا بحقّ الإسلام" فجعل من حق الإسلام إِقام الصلاة وإيتاء الزكاة، كما أن من حقه أن لا يرتكب الحدود، وجعل كل ذلك مما استثنى بقوله: "إلا بحقها".

وقوله: لأقاتلنّ مَنْ فرّق بين الصلاة والزكاة، فإنَّ الزكاة حق المال، يدلّ على أن من ترك الصلاة، فإنَّه يقاتل لأنها حقُّ البدن، فكذلك من ترك الزكاة التي هي حقُّ المال.

وفي هذا إشارة إِلى أن قتال تارك الصلاة أمر مجمع عليه؛ لأنَّه جعله أصلًا مقيسًا عليه، وليس هو مذكورًا في الحديث الذي احتج به عمر وإنما أخذ من قوله: "إلا بحقها" فكذلك الزكاة لأنها من حقها، وكلّ ذلك من حقوق الإسلام.

ويُستدلُّ أيضًا على القتال على ترك الصلاة بما في "صحيح مسلم" عن أمِّ سلمةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُستَعْمَل عليكُم أُمراءُ، فتَعرِفون وتُنكِرون، فمن أنكرَ، فقد بَرِئ، ومن كَرِهَ فقد سَلِم، ولكن من رَضِي وتابَع" فقالوا: يا رسول الله ألا نُقاتِلُهم؟ قال: "لا ما صلَّوا" (٢).


(١) رقم (٢٢٤٧).
(٢) رواه مسلم (١٨٥٤) وأبو داود (٤٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>