للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقالت عائشة رضي الله عنها: من سرّه أن يسبق الدائبَ المجتهدَ، فليكفَّ عن الذنوب، وروى عنها مرفوعًا (١).

وقال الحسن: ما عُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضلَ من ترك ما نهاهم الله عنه.

والظاهر أنَّ ما ورد مِن تفضيل ترك المحرَّمات على فعل الطاعات، إنَّما أُريد به على نوافل الطَّاعات، وإلَّا فجنسُ الأعمال الواجبات أفضلُ مِنْ جنسِ ترك المحرَّمات؛ لأنَّ الأعمال مقصودة لذاتها، والمحارم المطلوبُ عدمها، ولذلك لا تحتاج إلى نية بخلاف الأعمالِ، ولذلك كان جنسُ ترك الأعمال قد يكون كفرًا كتركِ التوحيد، وكتركِ أركان الإسلام أو بعضها على ما سبق، بخلاف ارتكاب المنهيات فإنه لا يقتضى الكفر بنفسه، ويشهد لذلك قولُ ابنِ عمر: لردُّ دانقٍ حرام أفضلُ مِنْ مئة ألف تُنْفَقُ في سبيل الله.

وعن بعض السلفِ قال: تركُ دانق مما يكره الله أحبُّ إلي من خمس مئة حجة.

وقال ميمون بن مِهران: ذكر اللهِ باللسان حسن وأفضلُ منه أن يذكر الله العبدُ


= تكُن أعبد النَّاس، وارْضَ بِما قَسَم الله لكَ تكنْ أغنى النَّاس، وأحْسِنْ إلى جارك تكنْ مؤمنًا، وأحِبَّ للناس ما تُحبُّ لنفسك تكنْ مسلمًا، ولا تكثرِ الضَّحِكَ؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب".
قلت: طارق لا يُعرف، والحسن البصري قد عنعن، ولذا استغربه الترمذي، لكن له إسنادٌ آخر يتقوى به عند ابن ماجه (٤٢١٧) والبيهقي في "الزهد" (٨١٨)، وأبي نعيم في "الحلية" ١٠/ ٣٦٥ وفي "أخبار أصبهان" ٢/ ٣٠٢. ولفظه: "يا أبا هريرة كنْ وَرعًا تكن أعبد النَّاس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلمًا، وأقلَّ الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب". وحسنه البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة ٢/ ٢٦٧.
(١) رواه أبو يعلى (٤٩٥٠) وفي سنده سويد بن سعيد ويوسف بن ميمون، وكلاهما ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>