للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وشربًا ولبسًا وتغذيةً، وقد سبق حديثُ ابن عباسٍ في هذا المعنى أيضًا، وأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد: "أَطِبْ مطعمَكَ، تَكُن مُستجاب الدعوة" (١) فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجبٌ لإجابة الدعاء.

ورَوى عكرمةُ بن عمار: حدَّثنا الأصفر، قال: قيل لسعد بن أبي وقاص: تُستجابُ دعوتُك من بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما رفعتُ إلى فمي لقمةً إلا وأنا عالمٌ من أين مجيئُها، ومن أين خرجت.

وعن وهب بن مُنبِّه قال: من سرَّه أنَّ يستجيب الله دعوته، فليُطِب طُعمته. وعن سهل بن عبد الله قال: من أكل الحلال أربعين صباحًا أُجيبَت دعوتُه. وعن يوسف بن أسباط قال: بلغنا أنَّ دعاءَ العبد يحبس عن السماوات بسوءِ المطعم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأنَّى يستجاب لذلك" معناه: كيف يُستجاب له؟ فهو استفهامٌ وقع على وجه التَّعجُّب والاستبعاد، وليس صريحًا في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية، فَيُؤْخَذُ من هذا أنَّ التوسُّع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإِجابة، وقد يُوجد ما يمنعُ هذا المانع من منعه، وقد يكونُ ارتكابُ المحرمات الفعلية مانعًا من الإجابة أيضًا، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار، وفعل الطاعات يكون موجبًا لاستجابة الدعاء (٢). ولهذا لمَّا توسَّل الذين دخلوا الغارَ، وانطبقت


(١) تقدم تخريجه.
(٢) روى أحمد ٦/ ١٥٩، والبزار (٣٣٠٤) عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: مُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبلَ أن تدعوني فلا أستجيب لكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم ". وذكره الهيثمي في "المجمع" ٧/ ٢٦٦، وقال: روى ابن ماجه (٤٠٠٤) بعضه، وفيه عاصم بن عمر أحد المجاهيل.
وله شاهد من حديث حذيفة رواه الترمذي (٢١٦٩)، وفيه عبد الله بن عبد الرحمن=

<<  <  ج: ص:  >  >>