للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عنه، وإن كان بعض العلماء يوجب ذلك.

وإن كان للرخصة معارض، إما من سنة أخرى، أو من عمل الأُمَّةِ بخلافها، فالأولى تركُ العمل بها، وكذا لو كان قد عمل بها شذوذٌ من الناس، واشتهر في الأمة العملُ بخلافها في أمصار المسلمين من عهد الصحابة، فإن الأخذ بما عليه عملُ المسلمين هو المتعيَّنُ، فإن هذه الأمة قد أجارها الله أنَّ يظهر أهلُ باطلها على أهل حَقِّها، فما ظهر العملُ به في القرون الثلاثة المفضلة، فهو الحقُّ، وما عداه فهو باطل.

وها هنا أمر ينبغي التفطنُ له وهو أن التدقيقَ في التوقف عن الشبهات إنما يَصْلُحُ لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعمالُه في التقوى والورع، فأما مَنْ يقع في انتهاك المحرَّمات الظاهرة، ثم يريد أنَّ يتورَّعَ عن شيءٍ من دقائق الشُّبَهِ، فإنه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكر عليه، كما قال ابنُ عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألوني عن دم البعوض وقد قتلُوا الحسين، وسمعتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هُمَا رَيحَانَتاي من الدُّنيا" (١).

وسأل رجلٌ بشرَ بنَ الحارث عن رجلٍ له زوجةٌ وأُمُّه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بَرَّ أمه في كُلِّ شيءٍ، ولم يبق من برِّها إلا طلاقُ زوجته فليفعلْ، وإن كان يَبَرُّها بطلاق زوجته، ثم يقوم بعد ذلك إلى أُمِّه، فيضربها، فلا يفعل.

وسئل الإِمامُ أحمد رحمه الله عن رجل يشتري بقلًا، ويشترط الخُوصة: يعني التي تُربط بها جُرْزَةُ البقل، فقال أحمد: أيشٍ هذه المسائل؟! قيل له:


= ورواه مسلم (٣٦٢) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أَخَرَج منه شيءٌ أم لا، فلا يَخرُجنَّ من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا".
(١) رواه البخاري (٣٧٥٣)، وصححه ابن حبان (٦٩٦٩)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>